التدخين عادة اجتماعية

جريدة الرياض - د. زياد فهد الريس
14 يونيو 2012م


    التدخين عادة اجتماعية بدأت منذ بدايات القرن السادس عشر حيث انتشرت تجارته كسلعة عبر مئات السنين إلى ستينات القرن الماضي حيث بدأ الأطباء بربط التدخين بأمراض متعددة، نفسية وعضوية على الفرد والمجتمع وتأكدت هذه الآثار في مطلع الثمانينات الميلادية، ومنذ ذلك الوقت وحرب عشوائية لاحت في الأفق بين شركات التبغ والحكومات وخصوصًا في الدول الغربية لما له من آثار اقتصادية قد تكلف الدول ثرواتها. فلم تجد هذه الشركات من منفذ غير نشر هذا الداء العضال إلا في الدول النامية لضعف القوانين واتخذت الاستثمار على المدى البعيد كاستراتيجية لها، وذلك باستهداف شباب وفتيات تلك الدول، ففي إحصائية قريبة وجد أن عدد المدخنين في العالم حوالي 1,2 مليار مدخن وأن 85% منهم في الدول النامية. فمن ضمن الأسباب لارتفاع التدخين عند القصر بحسب الأبحاث العلمية، استخدام أحد الأبوين للدخان في البيت، فهو يرفع نسبة أن يصبح ابنه مدخنًا بنسبة 50%.

نسبة المدخنين بين سن 20-30 سنة تعادل حوالي 70% من مجمل المدخنين في المملكة ومن المعروف أنه كلما صغر سن المدخن كلما صعب الإقلاع عن التدخين، وفي إحصائية أعدت العام المنصرم وجد أن عدد المدخنين في السعودية حوالي ستة ملايين مدخن، فالمملكة تحتل المرتبة 29 من ناحية أعداد المدخنين والخامسة في أعداد المدخنات.

     آثار الدخان على الفرد والمجتمع جمة وكثيرة ولا يتسع لأي سطور إيفاءها حقها ولكن نحن على شهر فضيل في كل عام، أسأل المولى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وهو فرصة لأخواني وأخواتي المدخنين والمدخنات لترك العادة المشينة في تابوت الماضي والمضي قدمًا لحياة صحية سليمة، فهنالك خطوات علمية وعملية بسيطة للمساعدة في ذلك :

1- لابد من وجود العزيمة والدافع الداخلي عند الانسان، إضافة إلى تصفية الذهن والإرادة ولكن في حال وجود ظروف قاهرة وضغوط اجتماعية جمة فلا يحمّل الله النفس البشرية إلا ما تطيق والأفضل تأخير الإقلاع عن التدخين على الفشل في المحاولة فالأهداف لا تحقق إلا باتخاذ الأسباب.

2- أثبتت الأبحاث العلمية أن المدخن يمر بمراحل متعددة إلى إن تتم عملية الإقلاع بنجاح وهي كالتالي :
مرحلة ما قبل مراودة النفس عن الإقلاع (Precontemplation)
ثم مرحلة مراودة النفس عن الإقلاع (Contemplation)
ثم مرحلة التخطيط عن الإقلاع (Planning)
ثم مرحلة بدء العمل بالخطة (Action)
ثم مرحلة المواظبة على ترك الدخان (Maintenance)
وفي بعض الأحيان الانتكاسة والرجوع إلى ما كان (Relapse) والهدف من معرفة المراحل لنقل المدخن من مراحل الإقلاع الأولية وعمل التدابير المهمة في كل خطوة لأي مرحلة من مراحل التخطيط.


3- عادةً يتخذ المدخن القرار بالاستعانة بالأدوية وذلك لإعطاء المحاولة نسب نجاح أعلى، فالأدوية المتوفرة هي النكوتين إما كلصقة أو علكة، دواء الزايبان (Zyban) إضافة لدواء الشامبيكس (Champex) فهذه الأدوية قد تحفز عملية الإقلاع وتأخذها لبر الأمان بنسبة قد تصل لخمسين في المائة ولكن لابد من القول أن هذه الأدوية لها آثار جانبية وموانع استخدام ومن الضروري مراجعة الطبيب قبل بدء أي منها.

4- التدخين عادة فلابد من زحزحة العوامل المحفزة لها فمن المدخنين من يدخن في الصباح الباكر ومنهم من يدخن بعد الأكل ومنهم من يدخن في مجموعة المدخنين، فلابد من معرفة هذه العوامل واستبدال العادة بعادة كممارسة الرياضة أو شرب الماء أو أكل اللبان ومن المهم تجنب المقلع عن التدخين لمجموعة نافخي الكير من المدخنين لأن المرء كما قيل يعرف من خليله. وإن كان الزوجان مدخنين فلابد من التخطيط للإقلاع سويًا فهو داعم ضروري لكلا الطرفين.

5- على مستوى المجتمع لابد من إجراءات عديدة ومن أهمها حماية فلذات أكبادنا من هذا السم البطئ، فعلى المدخن عدم التدخين أمام أبنائه وأيضًا خارج كل من البيت والسيارة وذلك لتجنيب عائلتة مضار التدخين السلبي.

6- بدأت بعض الدول الغربية ببادرة جميلة وهي منع بيع هذا الداء لمن هم دون الثامنة عشرة وفي كندا رفعت الضرائب على الدخان وأيضًا وضعت علب الدخان في صناديق مخفية لا ترى في المتاجر العامة وإضافة إلى الفرض على شركات التبغ وضع صور مقززة لآثار التدخين على الفم والرئتين والقلب, فربما يتعظ المدخن من ذلك.

7- من الناحية الاجتماعية فقد منعت دولتنا الرشيدة التدخين في المطارات والدوائر الحكومية فهذا بحد ذاته رسالة بأن التدخين السلبي غير مرغوب به لما له من ضرر على كل شخص محيط بالمدخن.


     أخي المدخن أختي المدخنة هنالك عدة مصادر للمعلومات بإمكاننا مشاركتها معكم في الابتداء موقع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث (http://www.kfshrc.edu.sa) تحت أيقونة نمط الحياة الصحي سوف تجد معلومات مفيدة عن التدخين وكيفية الإقلاع عنه، أيضًا لمن يجيدون اللغة الإنجليزية فهنالك موقع للمساعدة على الإنترنت من قبل الجمعية الكندية للسرطان وهو (http://www.smokershelpline.ca). ومن ضمن الكتب التي أشاد بها الكثير من المرضى كتاب آلن كار (Allen Carr) الطريق السهل للإقلاع عن التدخين (The Easy Way to Stop Smoking) ولا ننسى الطبيب كمصدر ومساعد لك ولكن الآهم هو وجود العزيمة.

وفي الختام أخي القارئ/أختي القارئة :
     أنتم جزء من منظومتنا وأنتم تحفزون مجتمعنا لاتباع العادات الصحية، فالمدخن لابد من الأخذ بيده ومساندته فهذة العادة لم تكن وليدة اللحظة ولكن سبقها مراحل عدة ودواعٍ جمة فلابد من الدعم النفسي والمعنوي. إضافة لذلك فالزوجة والوالدين والأبناء والأصدقاء بيدهم الكثير من العطاء ليستفيد منه المدخنون ويصلون لبر الأمان بسلام والفشل في البداية ممكن ولكنه أول خطوة في طريق النجاح.


جريدة الرياض
قسم طب العائلة والطب الرياضي
http://www.alriyadh.com/2012/

 

تعليقات