انتظرتك


     أنا هنا أقف ألوح بيدي لكَ طويلاً. أنفاسي القصيرة من قِلة صبري أصبحت أطول وأطول مما عرفتها أنا ! أنا الآن شيءٌ نحَتهُ أنت.
     انتظرتك ولوحتُ وبصبرٍ تحت المطر بكيت اختلطت قطرات عاطفتي الحارة مع قطرات تشرين الباردة تصافحنا أنا وقفازاتي ألفَ مرةٍ وأنا أنتظركَ لكنني أبيتُ أن أرتديها على كفي. أحببتُ أن يكون دفء يدي حين اللقاء طبيعياً .. كم أشعر بالقناعة والرضا وأنا قبلك قاموسٌ لم تدخله كثيرًا من تلك المصطلحات التي أشعر بها حين ألقاك .. ينتهي المساء على كرسي الانتظار ويمر من أمام عيني ألف حافلةٍ وقطار وكلها لا تحملك يا إلهي .. أتراني أتهت المحطة! أتراني أنتظر في المكان الخطأ؟! 

     سؤالٌ لم يخطر لي إلا بعد أن جاء آخر قطار, ولم تأتِ أنتَ على متنه. ألمٌ وحيرة هذه كلماتٌ يقولها البسطاء من يمتلكون مشاعر عادية أنا وللأسف من جنس الشعراء. كان ما شعرتُ به ضجيج مشاعر، كرةٌ تدور بي ، وكومة أشياء تُثقل عاتقي , عليَّ ان أحملها وأعود لبيتي هذا المساء. بوجهٍ كئيب وعين تدمع حسراتٍ وحسرات لأجل ذاك اللقاء ولن تستنزف أبدًا احتياطي الحسراتِ ذاك ستظل تدمع. أنا أعرفها تغيرت كثيرًا بعد أن عرفت لونك أخذت تدمع لأقل الأشياء إرهافاً تبكي لأجل ذات البكاء. ربما لأجل السبب الأول فهي حَفظتك جيدًا تحب شكلي الباكي فهاهي تبكي ملامح حياتي وتبكي .. كفى ،، نعم ،، شردتُ كثيرًا اليوم أنا وكتيبي هذا على دكة الموت تلك. لنعد إلى المنزل مهما يكن .. أخذتُ أجرّ بجسدي الثقيل إلى طريقٍ أشعر رغم معرفتي لما أقصد بأنني أسير بلا هُدىً .. أسير وأسير, لم أركب أيَّ حافلةٍ أو ما يُسهل عليَّ الوصول , قطعتُ الطريقَ أنا وقدمي فقط نمشي تارة ونركض كمجانين لسينما العشاق الذي لطالما سخرتُ منهم تارة. وفجأة وأنا قرب الباب أُمسك بمفتاح الراحة والدفء بعد هذا الانتظار وهذا العناء وإذا برائحة قهوةٍ تفوح ُمن مطبخي وصوت مدفأةٍ تتلظى وصوت وريقات كتاب تتقلب  فرحاً لأنها لأحد كتبي المهجورة ! نسيتُ رغم كل ذاك أن أفتح الباب وظللت أنا وجنون أفكاري نتشاجر وأعرف رغم جدلي الطويل مع ذاتي في ما يخص انتظاركَ أن إرادة أقوى مني لكنها في داخلي ! ستفوز وسأبقى أنتظرك بلا أملٍ سأفترش عتبة منزلي مع كوب القهوة وقلمٍ شارد وورقٍ مبلل وكتابٍ (كذبةٌ) أضعها بجانبي كي أوهم نفسي بأنني لا أضيع وقتاً أي هراء هذا ! وبينما أنا بنوبة الجنون تلك فُتح الباب وإذا بكَ بغضب تُحدقُ إلى حالي وتقول : كم انتظرتكِ أنا عند هذا الباب! أين كنتِ يا ترى تمثلين دور بائعة الثقاب ؟!

تعليقات